مجتمع

انتخابات الرئاسة 2024: كيف يعمل النظام الانتخابي الأمريكي؟

تحظى الولايات المتحدة الأمريكية بنظام انتخابي فريد، يُدلي فيه المواطنون بأصواتهم، لكنهم لا يختارون الرئيس بشكل مباشر، فماذا يفعلون؟

future صورة تعبيرية (قد يحصل مرشح في انتخابات الرئاسة الأمريكية على مجموع أصوات أكبر من منافسه لكن هذا لا يعني فوزه بالانتخابات)

تحظى الولايات المتحدة الأمريكية بنظام انتخابي فريد، يُدلي فيه المواطنون بأصواتهم، لكنهم لا يختارون الرئيس بشكل مباشر بل ينتخبون مندوبين ممثلين لهم لاختيار الرئيس في ما يُسمى «المجمع الانتخابي».

المجمع الانتخابي

المجمع الانتخابي (Electoral College) هو الذي يختار الرئيس الأمريكي، وهو هيئة منتخبة تضم مندوبين عن كل الولايات، يجرون اقتراعاً داخلياً لاختيار الرئيس ونائبه، ويتم فرز أصوات هؤلاء المندوبين في مبنى البرلمان (الكونجرس).

تم التوافق منذ البداية على هذا النظام كحل وسط بين إجراء الانتخابات بالاقتراع الشعبي العام واختيار ممثلي الشعب، وتختلف طريقة انتخاب هؤلاء الممثلين من ولاية لأخرى، وغالباً ما يتم اختيارهم بعد تقديم الأحزاب السياسية لمرشحيها ليختار الناخبون الأسماء التي يفضلونها أثناء تصويتهم في الانتخابات الرئاسية، وقد تظهر أسماء المندوبين المترشحين على نفس بطاقة الاقتراع بعد أسماء مرشحي الرئاسة، وهذا يختلف من ولاية لأخرى.

يتوزع عدد المندوبين على الولايات على حسب تعدادها السكاني، فيتم تخصيص مقاعد في المجمع الانتخابي لكل ولاية مساوية لإجمالي عدد أعضائها في غرفتي الشيوخ والنواب في الكونجرس، وكل ولاية لها نائبان في مجلس الشيوخ وعدد من الأعضاء في مجلس النواب يختلف من ولاية لأخرى إضافة إلى ثلاثة ممثلين لمقاطعة كولومبيا.

يتباين عدد الأعضاء بشدة؛ فأصغر الولايات لها ثلاثة أصوات (عضوان في مجلس الشيوخ وواحد فقط في الكونجرس)، بينما كاليفورنيا مثلاً لها 54 مندوباً (اثنان في مجلس الشيوخ و52 منطقة انتخابية)، وتكساس لها 40 صوتاً، وهكذا يتناسب عدد المندوبين مع عدد السكان تقريباً.

يتكون المجمع الانتخابي من 538 مندوباً، ولفوز المرشح الرئاسي، لا بد من حصوله على الأغلبية بواقع 270 صوتاً من أعضاء المجمع، ومع ذلك، هناك طريقة أخرى للفوز بالرئاسة دون الحصول على الأغلبية؛ فإذا أسفرت الانتخابات عن تعادل 269 صوتاً انتخابياً لكلا المرشحين ينعقد الكونجرس في جلسة مشتركة في السادس من يناير لفرز أصوات المندوبين، فإذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية، يتولى نواب الكونجرس بغرفتيه انتخاب الرئيس ونائبه.

الفائز ليس الأكثر أصواتاً

قد يحصل مرشح على مجموع أصوات أكبر من منافسه لكن هذا لا يعني فوزه بالانتخابات لأن المندوبين هم من يختارون الفائز؛ فأصوات المواطنين لا تحسم السباق إلا على مستوى الولاية فقط، أما حسمها على مستوى الدولة فهي مهمة المجمع الانتخابي، لذا فازت هيلاري كلينتون عام 2016 بأصوات أكثر من دونالد ترامب بنحو ثلاثة ملايين صوت وخسرت بسبب تصويت المندوبين.

وتفسير ذلك أن ترامب فاز بعدة ولايات كبيرة كفلوريدا وويسكونسن وبنسلفانيا بهامش صغير جداً، فحصل على كل أصوات مندوبي تلك الولايات، أما هيلاري كلينتون ففازت بأغلبية كبيرة في ولايات أخرى مثل نيويورك وكاليفورنيا وإلينوي، لكنها لم تستفد بهذه الأغلبية كثيراً.

فالمرشح الفائز في أي ولاية يحصل على تأييد مندوبيها بغض النظر عن نسبة الفوز هل تبلغ 55% أم 99%، فلا يمكن للمرشح الرئاسي الفوز بمجرد حصوله على أصوات الولايات صاحبة الكتلة السكانية الأضخم، وهذا النظام يضمن عدم إهمال أصوات الولايات الصغيرة.

وتعد ولايتا نبراسكا ومين استثناء من هذه القاعدة؛ فهاتان الولايتان تحديداً لا تُلزمان مندوبيهما بالتصويت لصالح الفائز بالأغلبية، وقد سمح ذلك للمرشح الديمقراطي جو بايدن بالحصول على ناخب واحد في ولاية نبراسكا ذات الأغلبية الجمهورية عام 2020، وحصل ترامب على ناخب واحد من الدائرة الثانية في ولاية مين، على الرغم من خسارته للولاية.

أكثر من مرشحين

لا تنحصر المنافسة الانتخابية الحالية بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، فهناك غيرهما من المرشحين لكنهم ذوو حظوظ ضئيلة أو تكاد تكون معدومة في الفوز لكنهم مؤثرون، فبالنظر إلى احتدام المنافسة بين الديمقراطيين بزعامة هاريس، والجمهوريين بزعامة ترامب، فإن النسب القليلة التي يحصل عليها المرشحون الآخرون كفيلة بترجيح كفة أحد الاثنين الكبار.

فمن يحملون أجندات قريبة من الديمقراطيين يهددون بسحب الدعم من هاريس، خصوصاً مع إحباط نسبة مهمة من الأمريكيين من أداء إدارة بايدن، ولكنهم في الوقت نفسه يرفضون منح تأييدهم للجمهوريين، فمثلاً دعم البيت الأبيض لإسرائيل في حرب غزة أدى لخسارة الديمقراطيين دعم شريحة من المواطنين لا ترى في الجمهوريين بديلاً مقبولاً، لذا من المتوقع أن تذهب أصواتهم للمرشحين المغمورين كموقف مبدأي وليس طمعاً في فوزهم بالرئاسة.

وتعد جيل ستاين مرشحة حزب الخضر من أبرز هذه الأسماء المرشحة للرئاسة، وهي ناشطة وطبيبة من خريجي جامعة هارفارد، وسبق أن ترشحت عن الخضر في عامي 2012 و2016، وهي تدعو إلى مكافحة تغير المناخ والدفاع عن حق الإجهاض والمتحولين جنسياً، واعتُقلت مؤخراً في احتجاج طلابي لصالح غزة.

من غير المرجح أن تحصل ستاين على أكثر من 2% من الأصوات، وهذا قد يكون خبراً سيئاً لهاريس، فستاين تلقت انتقادات من أنصار هيلاري كلينتون عام 2016؛ إذ اتهموها بأنها من أسباب هزيمتها أمام ترامب في ثلاث ولايات حاسمة خسرت كلينتون فيها بأصوات أقل مما حصلت عليه ستاين.

يترشح كذلك الناشط الأكاديمي المعروف كورنيل ويست البالغ من العمر 70 عاماً، ببرنامج اشتراكي، وهو يصف بايدن بأنه «مجرم حرب»، ويرى في ترامب «متمرد فاشي». ويواجه ويست صعوبات في جمع الأموال لحملته.

يخوض أيضاً تشيس أوليفر، غمار المنافسة الرئاسية، وهو مسؤول مبيعات في نهاية الثلاثينيات من عمره، وهو مثلي الجنس بشكل معلن ومرشح عن الحزب الليبرتاري، ثالث أكبر حزب سياسي في البلاد. وسبق أن حصل أوليفر عام 2020 على أصوات أكثر من هامش هزيمة ترامب في ثلاث ولايات متأرجحة.

وأعلن المحامي البيئي السابق روبرت كينيدي جونيور ابن شقيق الرئيس السابق جون كينيدي ترشحه مستقلاً، وهو يبلغ من العمر 70 عاماً، وسعى إلى الترشح كديمقراطي وفشل في نيل دعم الحزب، فتركه. لكنه أعلن مؤخراً تعليق حملته الرئاسية ودعم ترامب، في خطوة مشكوك في مدى تأثيرها على الانتخابات من عدمه.

وبصفة عامة فإن الأحزاب الصغيرة التي تظهر من وقت لآخر في الساحة السياسية أو تفوز ببعض مقاعد الكونجرس، ذات تأثير ضعيف في المشهد السياسي الأمريكي القائم بشكل أساسي على الثنائية الحزبية، لكن تستمد هذه الأحزاب أهميتها من تأثيرها على حظوظ الحزبين الكبيرين ولو بشكل طفيف.

عقدة السادس من يناير

يخشى الديمقراطيون من ترامب، ليس فقط بسبب احتمال فوزه، بل خسارته أيضاً، فهناك تهديدات غامضة تصدر من حين لآخر تحذر من إفشال وصول ترامب للرئاسة، وكذلك لم يتعهد حتى اليوم باحترام النتيجة حال فشله، مما يثير المخاوف من تكرار سيناريو السادس من يناير 2021، حين اقتحم أنصاره مبنى الكونجرس احتجاجاً على هزيمته في الانتخابات.

ففي السادس من يناير من العام التالي للانتخابات، يتم عد أصوات المندوبين في جلسة للكونجرس بغرفتيه في مقر مجلس النواب برئاسة نائب رئيس الولايات المتحدة، بصفته رئيس مجلس الشيوخ، وجاء اقتحام الكونجرس عام 2021 لعرقلة هذه العملية. وبعد تحقيقات كثيرة خلص التقرير النهائي للجنة مجلس النواب بشأن تلك الأحداث إلى أن دونالد ترامب انخرط بشكل إجرامي في «مؤامرة»، وأن السبب الرئيسي في الأحداث كان رجلاً واحداً هو الرئيس السابق.

شكّلت تلك الواقعة نقطة تحول لكثيرين، واليوم يُدندن الديمقراطيون على فكرة أن الديمقراطية الأمريكية تواجه تهديداً وجودياً على يد ترامب وأنصاره، وأن المنافسة ليست فقط بين مرشحَين أو حزبين، بل بين القيم الديمقراطية والخطر الشعبوي الذي يهدد أقوى دولة في العالم، وينذر بتآكلها من الداخل.

# الانتخابات الأمريكية # الولايات المتحدة الأمريكية # انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 # دونالد ترامب # كامالا هاريس

الديمقراطية الليبرالية تحت الاختبار: هل يعيد ترامب تشكيل النظام السياسي الأمريكي؟
من هو ماركو روبيو المرشح لمنصب وزير الخارجية الأمريكي؟
هيجسيث: وزير دفاع يكره المرأة في الجيش الأمريكي

مجتمع